
بقلم – محمد عبد العظيم
( ص ) صديق لي هاتفني قائلاً : قرأت مقالك واندهشت منك ولي سؤال وهو هل ترى أن الظروف التي تمر بها مصر الآن وهناك أخطار من الخارج والداخل تواجه الدولة خاصة الأحوال الاقتصادية الصعبة والسؤال : لماذا هذا المقال ؟ وكان ردي : احترم سؤالك النقدي وأقدم اعتذاري لك ولكل مَن قرأ المقال الأول وربما يقرأ باقي سلسلة المقالات في هذا الشأن وأعترف بأني أخطأت لعدم استهلالي المقال الأول عن السبب الذي دفعني لكتابة ذلك ، لذا أرى من الضروري إيضاح هذا السبب ألا وهو وجدت ثمة تغيرات في السلوكيات لغالبية المواطنين – وبحكم عمري الذي تجاوز السبعين بقليل – ومقارنة سلوكياتنا في شبابنا وشباب اليوم – وجود ظواهر سلبية وحالة من التشاؤم تسيطر على الكثير وفسرت ذلك بوجود فجوة عميقة بين الماضي والحاضر وأرى أن الخطورة إذا اتسعت سنذهب إلى نفق معتم للولوج إلى مستقبل لا ندري كيف سيكون .
( هـ ) هنا لابد من استعادة ماضينا لا لنعيش فيه بل لنتعلم منه كيف ظل اسم مصر وحده يعلو فوق كل العصور بكل أشكالها ؟ وأرى أنه ما من أمة استوعبت هذا الكم من الثقافات المتباينة من الشرق والغرب مثل مصر وظلت تحتفظ بهُويتها وأيضاً لنذكر أنفسنا والجيل الحالي بتاريخ مصر الحافل بالعديد من المراحل التي بدايتها مصر القديمة بالعصر الفرعوني ثم مصر الهلينية والرومانية والعربية وتوالت الدول المتعددة على مصر الإسلامية مثل الأموية والعباسية والطولونية والأخشيدية والفاطمية والأيوبية ثم مرحلة حكم المماليك والغزو العثماني تخلله الحملة الفرنسية ويأتي عصر محمد علي والأسرة العلوية تخلله الاحتلال الإنجليزي وصولاً إلى الدولة المصرية عام 1952 .
( م ) مهما تعددت الأصول فهناك طابع مصري تشكل في البيئة المصرية ، هذا الطابع الذي تمكن أن يتلائم ويهضم كل هذه الثقافات وأسماها ” شفيق غربال ” ملائمة : كانت هناك ثمة ملائمة بين هذه البيئة والعناصر الثقافية المستوردة – وبمتابعة الأبحاث التي تناولت الهُوية المصرية عبر العصور فأصبح لزاماً تعريف الأجيال الجديدة عظمة هذه الأمة الضاربة بجذورها الحضارية في عمق الزمان ونطرح السؤال مرة أخرى ” أما مصر فأين هي ؟ ” بعد أن جرت مياه غزيرة تحت الجسر وليس من المبالغة أن الجسر أوشك أن ينهدم .
( ح ) حيث أصبح مشروع النهضة الذي تأسس من أكثر من قرنين يواجه مجموعة من التحديات والانتكاسات أصابت المجتمع المدني والدولة المدنية الحديثة إصابات كان ومازال لها تأثير على حياة المواطن بدءاً من أنماط السلوك وأساليب الحياة اليومية في المأكل والمشرب والمسكن وصولاً إلى التدين الزائف .
( ي) يجب معرفة أن مصر ظلت محتفظة بشخصيتها وهُويتها شامخة منذ الدولة القديمة حتى وقتنا هذا رغم توالي الثقافات المختلفة – فما السر في ذلك ؟ هذا ما سنتاوله فيما بعد إن شاء الله لنؤكد أن مصر ” مقبرة الغزاة ” وهي بحق ” أم الدنيا ”
احسنت ياصديقى