
بقلم / محمد عبد العظيم
مازلنا في سرد الأخطاء التي وقعت فيها بعض الدول التي انتهجت الاشتراكية نظاماً اقتصادياً لها وهو الخطأ الثالث الذي يتلخص في الاعتقاد بوجود ما يسمى بالتخطيط الحقيقي ، أي نموذج مثالي للتخطيط وأن ما عداه ليس تخطيطاً ، والتخطيط الحقيقي في تصور البعض هو التخطيط التفصيلي الذي لا يترك صغيرى ولا كبيرة في الاقتصاد إلا وحاول إخضاعها للسيطرة بمعنى أنه المرتبط بالسيطرة من جانب الدولة على كل وسائل الإنتاج ويتقلص فيه دور القطاع الخاص إلى درجة العدم ، ولي في ذلك مجرد رأي وهو أن علاقة التخطيط بملكية الدولة لوسائل الإنتاج يعد شرطاً ضرورياً لنجاح التخطيط للتنمية ، أو بالأحرى هو شرط لرفع مستوى قابلية الخطط للتنفيذ حيث ان مصداقية التخطيط مرتبطة في ذهن البعض – وهذا حق – بالقدرة على وضع الخطط موضع التنفيذ ولكن التوسع في ملكية الدولة لتشمل إنتاج غير رسمية ليس فقط أمر غير ضروري لنجاح التخطيط بل لأنه قد يضع أعباء ثقيلة عليه لا يقدر على النهوض ، ومن ثم قد تعرقل عمله ، كما أن قدرة الدولة على التأثير في الاقتصاد ليست متوقفة على تملكها لكل وسائل الإنتاج ، فهناك وسائل أخرى لتحقيق الهدف المنشود مثل القرارات الإدارية المباشرة والوسائل المالية والنقدية غير المباشرة ، وأرى أيضاً أن وجود قطاع عام قوي لا يتناقض بالسماح للقطاع الخاص المنتج بالمساهمة في التنمية ، لأن هذه المساهمة يجب تشجيعها حيث أن الدول النامية تحتاج إلى حشد كل الجهود ” العامة والخاصة ” لإحراز تقدم سريع للتمية .
وهذه ليست دعوة للخصخصة لأن الخصخصة لا تضيف شيئاً للتنمية ، فهي تنقل ملكية الأصول من يد إلى يد أخرى دون زيادة في الثروة القومية ، كما أنها ليست ضمانة لرفع الكفاءة الاقتصادية ؛ لأن الأخيرة ليست حكراً على القطاع الخاص ، كما أنها لا تعتمد على نمط الملكية وإنما تعتمد على نمط الإدارة …
وفي المقال القادم إن شاء الله نصل إلى الخطأ الرابع والأخير .